المعلومات المضللة تفاقم مشاعر معاداة الروهينغا في إندونيسيا

المعلومات المضللة تفاقم مشاعر معاداة الروهينغا في إندونيسيا

رفض سكان في غرب إندونيسيا استقبال مئات اللاجئين من الروهينغا الذين وصلوا على متن قارب متهالك بعد أسابيع في البحر، من مخيمات في بنغلاديش في نهاية عام 2023، في أعقاب حملة من الأخبار المضللة.

حظيت الروهينغا باستقبال جيد من سكان إقليم آتشيه الذين أبدوا تعاطفاً مع هذه الأقلية المضطهدة المعتنقة مثلهم الدين الإسلامي والتي عانت بدورها من نزاعات مريرة، إلا أن وصول أكثر من 1500 لاجئ في الأشهر الأخيرة قُوبل بالعداء، وفقا لوكالة فرانس برس.

يقول الخبراء إن سيلاً من المعلومات المضللة عبر الإنترنت تمثلت بخطابات تدعو للكراهية، أثار مشاعر مناهضة للروهينغا في هذا الأرخبيل الواقع بجنوب شرق آسيا.

ففي ديسمبر الماضي، اقتحم طلاب عدد من الجامعات قاعة تابعة للحكومة في عاصمة الإقليم باندا آتشيه حيث يمكث 137 لاجئا من الروهينغا، وهم يهتفون "اطردوهم"، كما شوهدوا يركلون أمتعة اللاجئين.

وأدانت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين التعدي على الروهينغا، مؤكدة أن "الاعتداء على اللاجئين ليس عملا معزولا، لكنه نتيجة حملة منسقة من التضليل والأخبار الكاذبة وخطاب الكراهية بحقهم".

تضاعف تداول مقاطع الفيديو المناهضة للروهينغا على مواقع التواصل الاجتماعي منذ نهاية عام 2023، مع أكثر من 90 مليون مشاهدة على منصة تيك توك في نوفمبر وحده، وفقًا لهوكي سيتونغير، خبير المواقع الاجتماعية في معهد باندونغ في.

وأوضح أن الأمر بدأ بالعناوين الرئيسية لوسائل إعلام محلية عن وصول الروهينغا، وإظهارهم كمجرمين أو قليلي التهذيب، وقد انتشر هذا الخطاب الذي ردده القادة المحليون على نطاق واسع وأدى إلى نشر الكثير من المعلومات المضللة.

 حملة "منسقة" 

وقال الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو إن شبكة لتهريب البشر تقف وراء تدفق اللاجئين داعياً إلى اتخاذ إجراءات ضدها.

وأعلن تقديم "مساعدات إنسانية مؤقتة"، مع إعطاء الأولوية للمجتمعات المحلية.

وبعد أيام من الهجوم على الملجأ، صدت البحرية الإندونيسية قاربا يقل لاجئين من الروهينغا في البحر كان يقترب من سواحل آتشيه.

ودعت جاكرتا التي لم توقع على اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين، الدول المجاورة إلى بذل المزيد من الجهود لاستقبال الروهينغا.

وعلى تطبيق تيك توك، نشرت عشرات الحسابات الزائفة المنسوبة إلى مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، تعليقات على مقاطع فيديو تظهر الروهينغا.

واقترح تعليق نُسب زيفاً إلى الوكالة الأممية منح الروهينغا "جزيرة خالية ليتمكنوا من العيش فيها".

وحصد منشور يفيد بأن نائب الرئيس معروف أمين قدم الاقتراح نفسه، 3 ملايين مشاهدة، وعلق حساب تم التحقق منه "كلا! من الأفضل طردهم، لا فائدة من إيوائهم".

وأشار المحلل في مجموعة Drone Emprit لمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي، إسماعيل فهمي، إلى أن هذه الرواية "تبدو منسقة" ولكن تظهر كأنها "عفوية".

وأوضح أن الحملة بدأت بحسابات مجهولة، ثم رد العديد من المستخدمين الذين لديهم عدد كبير من المتابعين برسائل معادية للروهينغا، ما دفع لنشر المسألة على الإنترنت.

وقال أزوير نازار، وهو ممثل لصيادي آتشيه، إن المشاعر المعادية للروهينغا "تبدو هائلة عندما نتابعها على مواقع التواصل الاجتماعي" لكن "في الواقع، في حياتنا اليومية، تبدو الأمور طبيعية".

انتخابات 

أظهرت بعض مقاطع فيديو قوارب مكتظة تنقل الروهينغا إلى إندونيسيا، لكن الصور التي شاهدها الملايين تعود في الواقع إلى ركاب عبارة في بنغلاديش، بحسب تدقيق أجراه فريق تقصي الحقائق التابع لوكالة فرانس برس.

وأشار مقطع فيديو آخر إلى أن الروهينغا ألحقوا أضرارًا بمركز للاجئين في جزيرة جاوا، وأكدت السلطات أن الجناة ليسوا من الروهينغا.

تمت إعادة نشر مقاطع الفيديو التي تم تداولها على "تيك توك" و"سناك"، في فيسبوك ووسائل إعلام محلية وشاهدها عدد كبير من المتابعين، ما أدى إلى اتساع دائرة انتشار المعلومات المضللة.

وتقوم وكالة فرانس برس، إلى جانب أكثر من 100 منظمة، بالتحقق من محتوى مقاطع فيديو يحتمل أنها تتضمن معلومات مضللة ويتم تداولها على تيك توك وميتا، الشركة المالكة لفيسبوك، لقاء مقابل مادي.

تتركز بعض مقاطع الفيديو والتعليقات على الانتخابات الرئاسية المقررة في فبراير.

ويسخر مستخدمو الإنترنت من المرشح أنيس باسويدان الذي وصفوه بأنه داعم للروهينغا لأنه اقترح إسكانهم "بشكل منفصل" لتجنب النزاعات.

وأشاد آخرون بوزير الدفاع برابوو سوبيانتو، المرشح الأوفر حظا في استطلاعات الرأي، لقوله إن إندونيسيا يجب أن "تمنح الأولوية لشعبنا".

لكن في المناظرات المتلفزة، لم يأت المرشحون حتى الآن على ذكر أزمة الروهينغا.

فوضى وأزمة إنسانية 

تعيش ميانمار فوضى وأزمة إنسانية واقتصادية كبيرة منذ تولي المجلس العسكري السلطة في فبراير 2021 بعدما أطاح الزعيمة أونغ سان سو تشي وحكومتها، إذ أسفرت حملة قمع المعارضين للحكم العسكري عن مقتل أكثر من 4300 شخص، وتم اعتقال أكثر من 25 ألفا و785 شخصا منذ الانقلاب وفقا لجمعية مساعدة السجناء السياسيين الحقوقية المحلية.

وتشهد أنحاء عدة من البلاد اشتباكات بين مقاتلي "قوات الدفاع الشعبي" المجهزين غالبا بأسلحة يدوية الصنع أو بدائية وقوات المجلس العسكري، فيما يشير محللون إلى أن الجيش يواجه صعوبات في التعامل مع تكتيكات المقاتلين.

وتدور اشتباكات مع مجموعات متمردة أكثر تنظيما متمركزة على طول الحدود مع تايلاند والصين.

وفر أكثر من مليون مسلم من الروهينغا من ميانمار ذات الأغلبية البوذية إلى مخيمات اللاجئين في بنغلاديش والدول المجاورة منذ أغسطس 2017، عندما أطلق جيش ميانمار عملية تطهير ردا على هجمات جماعة متمردة.

واتُهمت قوات الأمن في ميانمار بارتكاب عمليات اغتصاب جماعي وقتل وحرق آلاف المنازل.

بعد الانقلاب في الأول من فبراير 2021، أكد الجيش أنه سينظم انتخابات جديدة، لكن البلاد التي تعاني من صراع أهلي عنيف، يجب أن تكون أولاً "في سلام واستقرار"، وفق رئيس المجلس العسكري.

 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية